الشاعر حسب الشيخ جعفر/وحيرة الدرويش بين عالمين
قصيدة الجذوع وسيرة الشاعر :ش
اعرنا من اعمدة جيل الستينيات عرف بالتجريب في اعماله الشعرية ومنها موضوعة التدوير في القصيدة الذي يعتمد الشكل السطري او الايقاع الذي يرتبط بجملة واحدة تلزم التواصل في قراءة القصيدة..
وفي ديوانه الاول (نخلة الله ) الصادر عام 1969 كانت قصيدة الجذوع اطارا لصورة شاعر يجذبه الحنين للارض والوطن وتنفره الخيبات وحيرة الوجدان ، بل لعلها لوحة تعبيرية لوادي المحن (وادي الرافدين) بين ماضيه وحاضره المشتت ومستقبله الغائم حيث تترجم خطوط هذه اللوحة والوانها شجونَ محبيه وحيرتهم..
قصيدة يسطرها قلب سومري الهوى ، ولعل في جرته المكسورة كناية عن انكسار احلامه ، فهي التي تبل الظمأ عند اهل الريف كما هي الخزانة التي تحفظ اشيائهم النفيسة لوقت الحاجة..
فلنقرأ هذا المقطع ، ونمر على ايقاعها الجميل وسيرة الشاعر..
[تَحَيَّرَ الدرويش بين عالَمَينْ
مُحْتَرِقَ اللسانِ واليدينْ
لِجِذْع نخلة قديم
منجرد عقيم
يشد عينيه إلى الوراء:
لا شيءَ غيرُ حفنةٍ من زَبَد البحار
وما تثير الريح من غبار
والأرض والسماء
يشد عينيه إلى الأمام
لا شيىءَ إلا كومة العظام
وجرَّةٌ مكسورة تغور في الظلام
والأرض والسماء
ليس كما ينسحب الموج من الرمال
ليس كما تذبل أوراق الشجر
ينحسر الماضي ولا تُحِسُّ كيفما انحسر
يمضي ولا يترك خلفه أَثَرْ
كزائر الخيال
كطائرٍ حطَّ وفرَّ دون أنْ تدركه يدان
فليس من ثمالة في القدح
وليس من طعمِ على الشفاه واللسان
من فَرَحِ أوْ تَرحْ
يا قاعداً مسافراً
يا حائراً
يَجِفُّ كالعشب على قارعة الظهيرة
يمد كالشحاذ راحتَيْهِ بالسؤال
مستجدياً برودةَ الظلال
والزرقة الشهية المثيرة
تسحب ظلك الطويل..]
* القطعة من شعر التفعيلة ، وتتحسس الاذن ايقاعها سلسا متناغما وقد بنيت عروضيا على التقارب بين تفعليتي الرجز (مستفعلن) والمتقارب (فعولن)
تاتي مستفعلن مخبونة (بحذف الحرف الثاني الساكن) لتكون متفْعلن وتكتب (مفاعلن) ، كما تأتي مطوية (بحذف الحرف الرابع الساكن) لتكون مستعلن وتكتب مفتعلن..
وفي نهاية السطر تاتي مرفلة (مفاعلن ن فتؤول مفاعلان)
اما فعولن فتأتي اكثر الاحيان مقصورة (بحذف ثاني السبب الخفيف لن واسكان اوله) لتؤول فعولْ..
ومع تواصل قراءة النص دون توقف نشعر بايقاع غنائي منسجم في ظل التقارب بين التحويلات العروضية للرجز والمتقارب
* تَحَيَّرَ الدرويش بين عالَمَينْ
تحيْيَرد/درويش بي/ن عالمين
مفاعلن/مستفعلن/مفاعلان او مفاعلتن
* مُحْتَرِقَ اللسانِ واليدينْ
محْترقل/لسانول/يدين
مفتعلن/مفاعلن/فعول
* لِجِذْع نخلةٍ قديم
لجذْع نخ/لتن قديم
مفاعلن/مفاعلان
* منْجردٌ عقيم
منْجردن/عقيم
مفتعلن/فعول
---------------------
- ولد الشاعر حسب الشيخ جعفر عام 1942 في العمارة - العراق .
و تخرج في معهد غوركي للآداب بموسكو 1966.
- دواوينه الشعرية: نخلة الله 1969 - الطائر الخشبي 1972 - زيارة السيدة السومرية 1974 - عبر الحائط في المرآة 1977 - الأعمال الشعرية 1985.
ونشرت عنه العديد من الدراسات الادبية والنقدية.
- مؤلفاته: رماد الدرويش (سيرة) - وجيء بالنبيين والشهداء - في مثل حنو الزوبعة -أعمدة سمرقند - كران البور.
كما ترجم من الروسية أعمال مايكوفسكي ، وبوشكين ، وألكسندر بلوك..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق