قراءة تحليلية في قصيدتين عن ذكر (الامام الحسين)

هذه قراءة في قصيدتين -ادناه- تجمعهما قواسم فنية مشتركة وقد خصّتا ذكر الامام الحسين :
القصيدة الاولى : (سليل العز)/عباس خلف عباس
القصيدة الثانية : (توشح خافقي)/طالب الفريجي

1- ان كلا القصيدتين من البحر الوافر (مفاعلتن مفاعلتن فعولن) الذي يتوائم ايقاعه السلس الجميل مع خلجات النفس ويطّرد مع سيل المشاعر المتدفقة في حب ابي الاحرار وسيد الشهداء وهول ملحمة عاشوراء..

2- يصور كلا الشاعرين في الابيات الاربع الاولى مدى الحب الكبير والاجلال لأمام ضحى بكل شيء ، بنفسه واهل بيته واصحابه مادامت الشهادة في عين الله واصلاح امة جدّه المصطفى محمد (ص) وفي اعظم ملحمة لجهاد الصبر والحق مع هول المصيبة والرزية..
تلك التي تدعونا ان نقول على مرّ الزمان :
(لايوم كيومك يا ابا عبد الله)..

* النص الاول :
حمَلتُكَ فوقَ أهدابي سهادا ..
حمَلتُكَ والهوى مني تمادا
حمَلتُكَ والجفونُ لها صريرٌ..
لفرطِ الحزن أذرفَتِ المدادا
فصارَ الحرفُ يهمي مثلَ غيثٍ ..
فيا نِعمَ الكريمِ بما أجادا
حسينُ ليسَ مثلكَ من يضاهى
حسينٌ ليسَ مثلك من ينادى

* النص الثاني :
توشّحَ بالمدامعِ والسّوادِ (الفاعل المستتر: خافقي)
وراحَ يجوبُ مُقفرةَ الوهادِ
وأضْرم في حشاشتهِ لهيباً
وما نفع التّعللُ بالرّشادِ..
يرى أنَّ التّجنَّنَ فيكَ عقْلٌ
وعينُ العقلِ يظهرُ بالعنادِ
فذا قلبي المتيَّمُ فيكَ حبّاً
وهذا خافقي يامَنْ تنادي

3- يصور الشاعران في الابيات الاربع التالية جرح الطف في الفؤاد وكأنه يطوف بذاكرة المحب في اجواء عاشوراء في صورتين من جميل المجاز :
أ- كأن العين تبصر جوامح الجياد تعتلي صدر سيد الشهداء (النص الثاني)
ب- كأن الأذن تسمع تلك ال(لا) التي اطلقها الامام الحسين (النص الاول) :
(لا والله ، لاعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا أفرُّ فرار العبيد ، هيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون)

* النص الاول :
سيمضي الدهرُ والتأريخُ باقٍ
ويبقى ذكرُكَ النوارُ زادا
ب(لا)ءٍ أعيتِ البُلغاءَ دهراً ..
وقَدْ ملأَتْ قلوبَهُمُ قَتادا
فجُرْحُ الطفِ لن يذوي دهوراً ..
ليروي من مناهِلهِ العبادا
فوجهُ الأرضِ زمجرَ مستشاط ٌ
وماءُ النهرِ جلّلَهُ رمادا

* النص الثاني :
فذا قلبي المتيَّمُ فيكَ حبّاً
وهذا خافقي يامَنْ تنادي
وهذي مسْرعاتُ النَّبضِ فيهِ
ركضْنَ كما الجوامحِ في الجيادِ
لتوقفَ مااستطاعتْ عنكَ خيلاً
عدتْ من دون وعيٍ أوسدادِ
عدتْ تدري بأنّكَ فيهِ سبْطٌ
لطهَ المصطفى خيرِ العبادِ

4- خاتمة القطعتين :
نلحظ بعد ذلك صور العشق مؤطرة بالحزن والالم والعبرة جليّة في خاتمة القصيدتين..
* قدمّها لنا الشاعر عباس خلف في ضوء بيان شرف المولد والاصل وكرم النفس الابية التي هدمت قلاع الكفر وما انفكت تؤرق الطغاة وتزلزل عروشهم ، وان لهيب ذلك الحزن الذي يتجلى في شهادة الاباء ومأساة عاشوراء او لعله من لظى تلك النار التي اوقدت في مخيم الامام الحسين بعد شهادته واصحابه.. مازال يستعر في صدورنا ، وازيزه يفتت قلوبنا.
كما صورت الخاتمة كيف ان كربلاء اورثتنا الحزن فالبسنا الدنيا الحداد والبدر البسناه السواد..
وان قبر الحسين صار عمادا للأحرار ومثابة للعشق
(عشقناك العليُّ بلا قرينٍ .. فمن ذا يَعدِلُ القِرمَ الجوادا)
* امّا الشاعر طالب الفريجي فقد قدم لنا تلك الصورة في ضوء النيل من اولئك القوم الذي استحلوا دماء اهل بيت الرسالة ، وهو يدعونا لنتسائل بغيض كمن يناجي وعينه صوب افق بعيد يطوي التاريخ والاحداث خلفه :
ايُّ خَلقِ وايُّ امة تلك التي لم تحفظ لآل المصطفى ودّا وهي لم تزل بعهد قريب من رسالته السمحاء ووحي السماء :
(اتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة..)
(لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى..)
الا تعسا لقوم لم يدخروا زادا ليومٍ تشخص فيه ابصارُهم ، وتعسا لحمقى واشقياء خصيمُهم يوم الحساب رسولُهم..

* النص الاول :
واِنكَ مُذْ وُلِدْتَ سليلُ عزٍ ..
وفيكَ يلوذُُ من طلبَ المرادا
كريمُ النفسِ لا يُعلى عليهِ ..
اِذا مالجودُ بالنفسِ تهادى
(حسينٌ) قد هدمتَ قلاعَ كُفرٍ ..
وأذلَلتَ الطغاةَ ومن تمادى
وأدميتَ القلوبَ بسهمِ عشقٍ ..
وألبستَ الدنا ثوبا حدادا
فمن(كَرِ البلا) حزنا ورثنا ..
وبدرُ الليلِ نلبِسُهُ السوادا
وها من كربلا نمضي كراما..
وذا قبرُ الحسينِ لنا عمادا
وذي نارُ الحسينِ لها أزيزٌ ..
تُفتِتُ في حنايانا الفؤادا
عشقناك العليُّ بلا قرينٍ ..
فمن ذا يَعدِلُ القِرمَ الجوادا
ومُزْنا في هواكَ على البَرايا..
أَيا زاداً ، وما أحلاهُ زادا

* النص الثاني :
فما حفظتْ لخيرِ الخلقِ عهْداً
وما حسبتْ لميقاتِ المعادِ
وما ادّخرتْ ليومِ الحشْرِ زاداً
ألا تعْساً لهاتيكَ البلادِ....
ألا بعْداً وإنَّ البعْدَ نارٌ
وإنْ ظهرتْ بأثوابِ الحدادِ
وهذي الصافناتُ عليكَ تعدو
كأنْ بدماك تحضى بالمُرادِ
وتلكَ حشودُهمْ ملأتْ بطاحاً
وغصَّ بجمْعها سهْلٌ ووادي
ستلْقى عنْدَ يومِ الحشرِ ناراً
ولا تُسقى سوى حممِ الرّمادِ

* اخيرا فان مايوحد القطعتين هو يوم الحسين ، ذلك اليوم الذي مازال يقرح الجفون وتهمي لأجله الدموع الهتون وكأن لسان حالنا يقول :
(تبكيك عيني لا لأجل مثوبةٍ
لكنما عيني لأجلك باكية..)
             -------------------------------------
# النص الاول:
*(سليلُ العِزّ/ عباس خلف عباس)*
حمَلتُكَ فوقَ أهدابي سهادا ..
حمَلتُكَ والهوى مني تمادا

حمَلتُكَ والجفونُ لها صريرٌ..
لفرطِ الحزن أذرفَتِ المدادا

فصارَ الحرفُ يهمي مثلَ غيثٍ ..
فيا نِعمَ الكريمِ بما أجادا

حسينُ ليسَ مثلكَ من يضاهى
حسينٌ ليسَ مثلك من ينادى

سيمضي الدهرُ والتأريخُ باقٍ
ويبقى ذكرُكَ النوارُ زادا

ب(لا)ءٍ أعيتِ البُلغاءَ دهراً ..
وقَدْ ملأَتْ قلوبَهُمُ قَتادا

فجُرْحُ الطفِ لن يذوي دهوراً ..
ليروي من مناهِلهِ العبادا

فوجهُ الأرضِ زمجرَ مستشاط ٌ
وماءُ النهرِ جلّلَهُ رمادا

واِنكَ مُذْ وُلِدْتَ سليلُ عزٍ ..
وفيكَ يلوذُُ من طلبَ المرادا

كريمُ النفسِ لا يُعلى عليهِ ..
اِذا مالجودُ بالنفسِ تهادى

(حسينٌ) قد هدمتَ قلاعَ كُفرٍ ..
وأذلَلتَ الطغاةَ ومن تمادى

وأدميتَ القلوبَ بسهمِ عشقٍ ..
وألبستَ الدنا ثوبا حدادا

فمن(كَرِ البلا) حزنا ورثنا ..
وبدرُ الليلِ نلبِسُهُ السوادا

وها من كربلا نمضي كراما..
وذا قبرُ الحسينِ لنا عمادا

وذي نارُ الحسينِ لها أزيزٌ ..
تُفتِتُ في حنايانا الفؤادا

عشقناك العليُّ بلا قرينٍ ..
فمن ذا يَعدِلُ القِرمَ الجوادا

ومُزْنا في هواكَ على البَرايا..
أَيا زاداً ، وما أحلاهُ زادا
                         ---------------------------------------
# النص الثاني :
*(توشّحَ خافقي يا سبط طه/ طالب الفريجي)*
توشّحَ بالمدامعِ والسّوادِ
وراحَ يجوبُ مُقفرةَ الوهادِ

وأضْرم في حشاشتهِ لهيباً
وما نفع التّعللُ بالرّشادِ..

يرى أنَّ التّجنَّنَ فيكَ عقْلٌ
وعينُ العقلِ يظهرُ بالعنادِ
:
فذا قلبي المتيَّمُ فيكَ حبّاً
وهذا خافقي يامَنْ تنادي

وهذي مسْرعاتُ النَّبضِ فيهِ
ركضْنَ كما الجوامحِ في الجيادِ

لتوقفَ مااستطاعتْ عنكَ خيلاً
عدت من دون وعيٍ أوسدادِ

عدتْ تدري بأنّكَ فيهِ سبْطٌ
لطهَ المصطفى خيرِ العبادِ

فما حفظتْ لخيرِ الخلقِ عهْداً
وما حسبتْ لميقاتِ المعادِ

وما ادّخرتْ ليومِ الحشْرِ زاداً
ألا تعْساً لهاتيكَ البلادِ....

ألا بعْداً وإنَّ البعْدَ نارٌ
وإنْ ظهرتْ بأثوابِ الحدادِ

وهذي الصافناتُ عليكَ تعدو
كأنْ بدماك تحضى بالمُرادِ

وتلكَ حشودُهمْ ملأتْ بطاحاً
وغصَّ بجمْعها سهْلٌ ووادي

ستلْقى عنْدَ يومِ الحشرِ ناراً
ولا تُسقى سوى حممِ الرّمادِ
  -----------------------------------------------------------

عن الكاتب "فلان"

وصف موجز عن الكاتب هنا، كما يمكنكم متابعتي عبر المواقع الإجتماعية أدناه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Translate

إبدء الكتابة للبحث ثم أنقر enter