قصيدة (ياراكبا..) للشاعر محمد الحرزي
المطولة الشعرية (ياراكبا..) لشاعر اهل البيت الكويتي (محمد الحرزي) انقلها كاملة لحسن سبكها وجمال صورها ، مع عناية بفرز الابيات وضبط الحركات -قدر الامكان- ليتسنى للجميع قراءتها بشكل صحيح واختيار مايودّون ان يحفظوا منها..
نظم الشاعر القصيدة على البحر البسيط (مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن) وقد جاء عروض صدر البيت (فعِلن) وضرب عجزه جاء مقطوعا (فعْلن) ، اما حشو البيت فقد ورد فيه جواز الخبن في تفعيلتي (فاعلن) و (مستفعلن) لتؤولا (فعِلن) و (مفاعلن) على الترتيب..
واود الاشارة -هنا- الى ان مايميز الشاعر (محمد الحرزي) هو ملكته الشعرية العالية وابداعه الفني وحسن القائه الشجي مع امتلاكه المتقدم لأدوات النظم الشعري لغةً وبلاغةً وعروضاً..
ملاحظة :
القاء الشاعر في الفيديو على (يوتيوب) يبدأ من البيت الخامس عشر :
(لي ألفُ عامٍ وألفُ الوجد كنتُ لها
ديارُ سَلمى رَمَتْ بالبينِ حسانا)
-------------------------------------------------------
**((ياراكبا/قصيدة محمد الحرزي))**
مواطِنٌ لم تدعْ للقلبِ إيطانا
وحادِثٌ لم يدعْ للعينِ أجفانا
وموقفٌ في إزاءِ الحيِّ قد قُبِضَتْ
فيهِ النُّفوسُ فعِشنا فيه أبدانا
وخيرُ قولِكَ ما أبدَتْ مَطالِعُهُ
على خواتيمِهِ رَمْزاً وعنوانا
أيسلَمُ الصَّبُ من قَتلٍ وقاتِلُهُ
مَنْ خَلَّفَ الصَّخرَ يومَ البَيْنِ إنسانا
وهلْ له حيلةٌ في الحبِّ مَنْ تَرَكَتْ
عليه أشواقهُ قيداً وسجانا
لولا الهوى لم أبُحْ يوماً ببِنتِ جَوى
طوعاً ولم أُبدِ للأحداثِ إذعانا
ولم أقُلْ لَهفَ نَفسي للذين قَضَوْا
في جانبِ النهرِ أشياخاً وشُبانا
أنا الذي انتَهَكَتْهُ في الهوى يَدُهُ
وجاذبتهُ حديثَ السرِ إعلانا
وإنني لَلَّذي جدَّ الغرامُ بهِ
فراحَ يُنشي رَقيقَ الوجدِ غَيرانا
لا دَرَّ دَرُّ الهوى كَم فرَّقَتْ يدُه
ُإلفاً وكَم ألَّفَتْ في الخلقِ شتانا
وكم دَهَت فاتِكَ الألبابِ فِتنَتُهُ
حتى دَعا الخلقَ مَفتوناً وفتانا
وكم عَرى واقِفاً في الدارِ عن كثب
ٍيَنْعى أحِبَّتَهُ والركبُ قد بانا
يُخفي الذي هو بادٍ مِنْ صَبابَتِهِ
لو أخفَتِ النارُ بينَ القشِّ دخانا
وإنَّ فقدَ الذي تَهواهُ مُعضِلَة
ٌتُبديكَ بينَ الوَرى في الذُّلِ سلطانا
*************
لي ألفُ عامٍ وألفُ الوجد كنتُ لها
ديارُ سَلمى رَمَتْ بالبينِ حسانا
أُبدي لها وَلَهي ومَحْضَ ماءِ دَمي
فتُبدي لي حُزنَها رسماً وجدرانا
وقد نَفضْتُ عن الدُّنيا وساكِنِها
ثوبَ الذي غادرَ الأجداثَ دفانا
فما الأنامُ بها وَجَدْتُ غيرَ فتىً
أجازَ في المُلكِ بعدَ اللهِ مروانا
لذاكَ قُلْتُ اِلتَزِم يا قَلبُ صَدرَكَ أو
فاذهَب كذي النُونِ نَهبَ الغمِّ غضبانا
لعلَّ في اللَّومِ ما تُغنيكَ شدَّتُه
ُعن أن تبيتَ عريضَ اللَّغدِ مبطانا
أو لا فكن كالذي أمسَت حَرائِرُهُ
تُساقُ سَوْقَ الإما ظُلماً وعدوانا
فمن تَردى رِداءَ العِزِّ راقَ لهُ
بأن يُرى فوقَ ظهرِ المجدِ عريانا
يا راكباً لا تَني في عُسرِ أُهبَتهُ
ولا على الصَّعبِ يومَ النَّدبِ قد لانا
يطوي على مَتنِ مِرْقالٍ مَناهِجُها
ما ليسَ يَرجو به الجِنيُّ إيطانا
عَرِّجْ بوادي الحِمى حَيثُ النَّدى وأَرِحْ
منه بأَكرَمِ خلقِ اللهِ جيرانا
الفاطميين مَن عن مثلهم عَقُمَتْ
أمُّ العُلى أنْ تَلِدْ في الدَّهرِ إنسانا
والطالبيين من لو رُمتَ شيخَهُمُ
ألْفَيْتَهُ في كتابِ اللهِ عمرانا
قومٌ عبيدُهُمُ الأملاكُ قاطِبَةً
والخلقُ إلا لهم رِقاً و أقيانا
عن فَضْلِهم كلُّ فضلٍ في الوجودِ بَدا
لُقمانُ لولاهُمُ ما كان لقمانا
لهم من الحقِّ ما للحقِّ عندهُمُ
أطَعتَهُم أو أطعتَ اللهَ سيانا
قرابةُ المصطفى ذو العرشِ قَرَّبَهُم
حتى قَضَوْا في سبيلِ اللهِ قُربانا
لا مَيْتُهُم مَيِّتٌ يوماً إذا قُتِلوا
ولا حَياتُهُمُ كمثلِ محيانا
قومٌ دُوَيْنَ إلهِ العرشِ مَرْتَبَةً
وفوقَ ما دونهُ عِزاً وإمكانا
الحجةُ القائمُ المهديُّ آخِرُهُم
عداً و أولُهُم في الثَّأرِ سُلطانا
الظاهرُ الباطنُ المَرهوبُ جانِبُهُ
وصاحِبُ الأمرِ تسليماً وإذعانا
الأحمديُّ نَدىً والحيدَرِيُّ هُدىً
والفاطِمِيُّ غَداةَ الوعدِ برهانا
علىُّ غارَتِها حُسَينُ غيرَتها
زَكِيُّ غُرَّتِها جوداً وعرفانا
طاووس جنَّتِها مِقدامُ صَهوَتِها
ياسينُ رَجعتِها مُلكاً وأخدانا
تلقاهُ في صحبهِ كالدرِ في ذهبٍ
فلا تعي من لمن بالفضلِ قد دانا
مِن حَوْلِهِ هم أحاطوا وهو حاطَ بهم
ما العينُ لولا الضِّيا شحماً وأجفانا
له السيوفُ غَداةَ الفتحِ مشهَرَةً
تظُنُّها في أكفِّ الأسدِ عِسلانا
أو رُمتَهُم في مُتونِ الخيلِ خِلتهم
ُكلاً على فلكٍ في الأوج كيوانا
شوسٌ غطارفةٌ صيدٌ خضارمةٌ
أيان مَوْعِدُهُم يا قَلْبُ أيانا
أتُنْكِرُ العَيْنُ ما قلَّ الفُؤاد وهل
تَجاهَل البدرُ أن الليل قد حانا؟!
وهل يُطيقُ الفتى كَتْمَ الغرامِ إذا
أمست له الجنُ والأملاكُ أعوانا؟!
ومن دعا نفسهُ يومَ الهوى بَطلا
ًترى على صدرهِ للخيلِ ميدانا!!!
يا من إذا شاءَ ، شاءَ اللهُ عزَّ وجلْ
كُنْ قالَ للشيءِ أو لا كُنتَهُ كانا
ومن علينا به مَنَّ الجليلُ ومَنْ
أضحى لدينِ أبي الزهراءِ ديانا
ها قد أتيتُكَ لا أهذيك هَذْوَةَ
مَن رآك في عقلِهِ شِعراً وأوزانا
ولست أُحيِيكَ ذِكرى ضاحِكٍ لَعِبَتْ
به المَعازِفُ حتى بات جَذْلانا
ولا ارتأيتُكَ دُنياً كدَّ طالِبُها
فسار طوعاً لما يَبغِي وعصيانا
بل جِئْتُكَ اليومَ قلباً فارغاً و نُهى
ًرأى سِواكَ الوَرى زوراً وبهتانا
يا ابن الهدى والهدى أوطانهُ هُدِمَت
ْوأنت تُعلي لبيتِ الصبرِ أركانا
كأنما ألِفَت عيناكَ مَنظَرَها
مِن فَرطِ ما شاهَدَتْ هَدماً ونيرانا
إياك يُعنى بها فلا عُدِمْتَ إباً
أو تَملأَ الأرضَ أسيافاً ومرانا
هذي أميَّةُ قد وافتكَ عادِيَة
ًتُدمِيكَ عَيناً وتُفري مِنك أبدانا
قد آنَسَت منك صَبْراً لَيْتَهُ جَزَعا
ًولَيْتَ حِلْمَكَ في لَأْياهُ أرسانا
ورُبَّ لُؤمٍ بأهليه غَداةَ طَغى
غدَوْا بهِ بعدَ ذُلِّ الجُبنِ شجعانا
جلَّ المُصابُ فقُم نبكي لهُ مهجاً
قَرحى وأَفئدَةً حَرّى وأذهانا
وأروعُ الحزنِ ما كانت بيارِقُهُ
بَوارِقاً في الوَغى حُمراً وأكفانا
لا أنتَ أنتَ و لا هُم في الَهوان همُ
إن لم يروْا في لِقاكَ الَموتَ إحسانا
سُقها فِداك أبي في عَزمِ كلِّ فتىً
يُريكَ أقصاهُ يومَ البأسِ إبانا
فوارسٌ من بني عدنانَ لو حُشِمَت
ألفيت كُلاً على المُهرِيِّ عدنانا
يلقاك واحدُهُم حتى تخالُ به
رَضوى ويذبُل قد خفوا وثهلانا
حميةً وحمى، مروءةً وندى،
حفيظةً وإبا ضيمٍ ووجدانا
يذكرك ملقاهُم لو عُجْتَ فيه تَرى
مِنَ الحسينِ بِأَرضِ الطفِ أظعانا
يا ابن النبي وخيرُ الذِّكرِ ما انحَدَرَت
لهُ المدامِعُ أنهاراً وخلجانا
لفِتيَةٍ آمَنوا باللهِ فاعتَزَلوا
لجانِبِ الطَّفِ لا للكهفِ رهبانا
قضوا وكلٌ كما تَهوى حَفِيظَتُهُ
مُرَمَّلَ الخدِ دونَ الخيلِ ظمآنا
لو اطلَعتَ عَلَيهِم لامتلأتَ بما
قد أرهبوا الدَّهرَ إشفاقاً وتحنانا
قد أرسَلوا وَرِقاً لكن على عُجُفٍ
ٍأزكى ثرى حَسَكاً تَطوي وسَعْدانا
وما تبيَّنْتُ أنَّ القومَ قد قُتِلوا
حتى رأيْتُ لهم في السبي نسوانا
ظعينةٌ قبلُ لو مَرَّ الظَّلامُ بها
يكادُ من رَهبةٍ يخرُ خشيانا
يَحُفُّها كلُّ من لو رامَ صارمَهُ
ُلم يبقِ في الأرضِ للأمواتِ دفانا
واليومَ أمست بوادِ الطفِ حائرةً
مذعورةَ القلبِ تُذري الدَّمعَ نيرانا
مخطوفةَ اللونِ إلا أنَّ جانِبَها
يُبدي الدِّما من وَقِيعِ السوطِ ألوانا
أضحت يُركِّبُها شمرٌ ويَزجُرُها
زجرٌ ويَجذِبُ منها بالثل أردانا
فأيَّ صبرٍ وقبلَ الطَّفِ مُحْسِنُكُم
قضى وفاطمُ في الأعتابِ جُثمانا
أرْجَبْتَ دَمعي و أَرْمَضْتَ النَّوى جَلَدي
فهاك نَظْمِي على لُقياكَ شَعبانا
بقيةَ اللهِ خُذها عَنكَ باكِيَةً
قد أدمَنَت في نَواكَ الُحزْنَ إدمانا
العمرُ يَمضِي وفيكَ الروحُ مُقبِلَةٌ
كهلُ الهوى أكثرُ العُشاقِ رَيْعانا
شكرا جزيلا
ردحذفأحسنت النشر
ردحذفرحم الله والديكم وتقبل الله اعمالك