رؤية في محاضرة د. احمد العصيد (لماذا تخلف المسلمون)
يكشف الاستاذ احمد العصيد من المغرب اسباب تخلف المسلمين عن التطور الحضاري المدني المعاصر بتحليل موضوعي وبمنهج تاريخي - استقرائي ، كما يبين ان بؤرة هذا التخلف تكمن في فصل الدين عن الدولة..
وقد يكون لنا كقراء ومستمعين اختلاف مع الاستاذ المحاضر في قضية ما تضمنها حديثه او رؤيته ، لكن الرجل طرح -بصورة عامة- اشكاليات وقضايا في هذا التساؤل تستحق الوقفة والحوار والمراجعة ، بل لعل في طروحاته دليل لبنية فكرية حرّة لاتخرج عن ثوابت الاسلام لكنها تهذّب الموروث الفكري وتستنهض العقل والارادة الواعية البناءة في طلب العلم والمعرفة وتحديث الافكار بما ينسجم مع واقع الحياة المتغير والمتجدد في ظل التواصل الثقافي مع العالم ، مع تهيئة البيئة الحضارية المناسبة للعلوم والمعارف والتكنولوجيا لتكون نواة وبرنامج عمل لنهضة فكرية وحضارية..
لاسيما ان لدينا -اليوم- تجربة مرّة وبائسة مع الاسلام السياسي والاحزاب الاسلامية..
ومن الاوراق التي اراها قد اختلطت في حديث المحاضر هو ان دعاة الاصلاح والمجددين لبنية الفكر الاسلامي الموروث ومن اشهرهم ابن رشد في عصر دولة الموحدين في بلاد المغرب والاندلس (1269-1211) ، و جمال الدين الافغاني ومحمد عبده في القرن التاسع عشر والسيد الشهيد محمد باقر الصدر في القرن العشرين..
انّهم قد بيّنوا واشاروا في كتبهم وخطبهم الى تجديد الفكر الاسلامي واعتماد النسق العقلي والمعرفي لكنهم لم يتطرقوا الى (فصل الدين عن الدولة) كمطلب سياسي حديث ينسجم مع الحياة المعاصرة للمجتمعات المعقدة التكوين قوميا ودينيا ومذهبيا..
وقد تعاظم نفوذ هذا الفكر الداعي الى الفصل بين الدين والدولة بعد الحرب العالمية الثانية في اوروبا ، وبعد ان انحسرت قبل ذلك سلطة الكنيسة والبابوية التي سادت في القرون الوسطى (476 - 1000 م) حتى القرن الحادي عشر الميلادي على يد حركات الاصلاح الديني ومنها حركة مارتن لوثر وظهور المذهب البروتستاني..
كما ان بوادر هذا الفصل قد ظهرت ايضا في الشرق الاسلامي بعد التحرر من الاستعمار منذ ثلاثينيات القرن العشرين على يد حركات فكرية ذات طابع اشتراكي -في الاغلب- لتنسجم مع الحياة المعاصرة للمجتمعات المتعددة المكونات والاديان والتي تستوجب احترام ثقافة الآخر او ثقافة الاختلاف ، لكن الواقع الفعلي -في تحول تلك الحركات الى احزاب مسكت زمام السلطة في بعض الدول العربية- قد كشف انها ظلت اسيرة العقد القومية ذات الاصل (العروبي- الاسلامي) وتحولت فيما بعد الى انظمة ديكتاتورية وبوليسية..
وختاما يجب ان لاننسى ان الاسلام حثّ بلسان رسوله الاكرم محمد (ص) على امرين هما طلب العلم كفريضة ، وان اساس الدين بعد التوحيد هو المعاملة ومكارم الاخلاق..
لكننا كأمة حملت رسالة الاسلام وافتخرت على باقي الامم ان محمدا (ص) منها فقدت-اليوم- الامرين سوية ، فلا علم ولامكارم اخلاق يسودان في واقعنا وعلاقاتنا او في نهج حكوماتنا ، بل تمسكنا -فحسب- بقشور العبادة المجردة وامسينا اعرابا غلاظ القلوب والعقول بوصف القرآن الكريم حتى انجبت ارضنا اسوأ المنظمات الارهابية في العالم بمسميات اسلامية وقد شرعت القتل على الدين والهوية بمباركة شيوخ الضلالة ومنابر الموت.
رابط محاضرة د. احمد عصيد (لماذا تخلف المسلمون) :
https://youtu.be/fmi7JDfzN_Q
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق