نافذة الى عالم حواء/مقال يحاكي شباب اليوم
ما اود ذكره -هنا- ليس الا تبيين المبادئ الاساسية لرؤية ناضجة وعلاقة متناغمة بين طرفي الحياة في ضوء التجارب العامة والخاصة وماترشح في الذاكرة مما قرأناه وسمعناه ، وانطلاقا من التساؤلات التالية :
كيف تكون النظرة الموضوعية الى المرأة ؟ ما هو اسس الانسجام في ارادة الطرفين ؟ وماهي اسس اختيار المرأة كزوجة وام ؟
1- ليست المرأة كائنا فضائيا غريبا عن مجتمع الرجال ، فهي بنت بيئتها مجتمعا وثقافة وبنت عائلتها سلوكاً وتربية ، وهي في نهاية المطاف ام واخت وزوجة وبنت… الخ
2- في اساسيات البناء الاسري :
لايوجد -بالاصل- كائن ميت الغريزة وآخر بقلب اخضر فالميل -بالفطرة السليمة- بين الذكر والانثى حقيقة حياتية لا زيف فيها ولا عيب.. لكن الحال عند الانسان -دون الكائنات الحيّة- يختلف في توجيه هذا الميل وتجسيده في ظل اربع عوامل يمكن وصفها اضلاعا لمربع بيت العيش المشترك للطرفين :
* ثقافة المجتمع العامة اي شكل المنظومة الحضارية والدينية..
* الوسط التربوي او المحيط البيئي الخاص في ذلك المجتمع.
* النضج ومستوى الوعي المتماثل والمتقارب..
وتؤثر محصلة هذه العوامل الثلاث بشكل فعال في سلوك الفرد وفي مدى الموائمة بين الطرفين..
* تبقى هناك قضية ضرورية آخرى تؤطر تلك العوامل الثلاث هي (الانسجام) في ضوء طبيعة السلوك الشخصي للمرأة والرجل الذي يميزهما كفردين ، اذ لابد ان يكون هناك توافقا اساسيا بينهما في السلوك والوعي والمزاج والعمر من جهة وفي شكل العرف الاجتماعي ونهج المعاملة الاخلاقية عند الطرفين من جهة اخرى ، سيما اننا نعلم ان الدين هو المعاملة..
فالسلوك الواعي هو ما يميز الفرد كانسان له كينونة خاصة ، والذي مازال عالما يكتنفه المجهول والغريب في ابحاث العلوم الانسانية والوراثة وهو محل دراسات علم النفس من الطفولة الى النضج مرورا بالمراهقة..
3- اركان الرؤية العامة الى المرأة :
من الانصاف ان تكون حصيلة النظرة الى المرأة التي يتقاسم معها الرجل الحياة في البيت ومقاعد الدراسة ومواقع التواصل الاجتماعي والشارع.. ان تكون ضمن اربع اركان اساسية هي :
(العاطفة/ العقل /الاحترام والمرؤة / وبعد النظر)
اي ان لا يركن الرجل الى قلبه فحسب كما لا يكون ضيق الافق في عقله ، وان يعي اهمية الاحترام للمرأة المكافئ للحب ولايتخلى عن مرؤة النفس التي تترجم انسانيته فلاخير في بشرٍ بلا مرؤة ، وان يعتبر ويدرك كذلك معنى ان تكون المرأة سكنا بالوصف القرأني الجميل.
4- في ضوء تلك المقولة.. لا يُكرِّمُ المرأةَ انسانيا النظرُ اليها كجسدٍ يثير الفحولة والمتعه فحسب.. فهي كائن سيشيخ ويفقد بهاءه ذات يوم..
ولكن يتوجب النظر اليها اولا ببصيرة تجمع تلك الاركان الاربع بشكل متناسب..
ومن ثمّ يكون اختيار المرأة كزوجة في ضوء اساسيات البناء الاسري المذكورة سلفا..
لكن لا قيمة ولامعنى لبناء اسرة ولا لأساسيتها تلك في ظل نظرة قصيرة ورؤية عقيمة مسبقة..
5- توصيات عامة للشباب لا بقصد الادعاء بالحكمة ، فكلنا نخطئ ونصيب..
لكنها من تجارب عامة وخاصة ومن طروحات فكرية متفرقة بهذا الصدد :
أ- ان يكون النظر للمرأة بعين الاحترام اولا..
لانها الام التي تسهر وتتفانى لاجل صغارها ، وهي المربية الاولى لجيلٍ سيشب في المجتمع وينهض بمسؤوليته..
ولو اننا احترمنا امومة المرأة التي كرّمها الله لما رسخت في انفسنا تلك الانانية التي توحّد مشاعرنا وتوجهها صوب المتعة المجردة فحسب..
فالمرأة بكينونتها العامة وارادتها تبتغي الامومة والشراكة في بناء المجتمع والاسرة..
لكن (المجتمع ذاته والاصح مجتمع الرجال ، والمحيط التربوي ، مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية) هي الاسس التي تغير البناء السلوكي للمرأة نحو الاسوء في النظرة والوصف والحكم عليها ، سيما اذا اقترن ذلك بالجهل ، فالتعلم يصقل الخلق والذوق اما الفقر والجهل فهو آفة المجتمعات وارضة البناء الاخلاقي والفكري للفرد والاسرة..
ب- ان تكون النظرة الى المرأة كنفس انسانية متغيرة لها طبيعة خاصة وسلوك فردي.. اي ان يتامل الرجل ببصيرة في مدى انسجامها مع :
اركان (نفسه ، ثقافته ، بيئته ، وسنّه)
وان يجيب بنفسه :ماذا لو كنتُ زوجا لها ، هل ساكون سعيدا ؟ ، وماذا لو كنتُ ابا لابناء منها ، هل سيعيشون في دفء وامان ونشأة سليمة ؟
فالحاجة الجنسية ستنتهي في دقائق ، وتبقى الحياة بحلوها ومرّها ، فلينظر الرجل ماذا سينال من حياته ؟ واي مذاق يظل في فمه؟
ت- تريد المرأة او الزوجة التي يختارها الرجل احتراما جليّا منه لايشوبه نفاق وليس ذلك فحسب بل ان يكون احتراما معززا بمحبته وحميته ليبعث الطمأنينة في نفسها ، فلا يكفي الاحترام بدون حب ولا يصلح الحب بدون ان تلمس المرأة احترام الرجل وعطفه ، وان لا يتجسد ذلك بكلمة طيبة منه فقط بل ان تؤطر تلك الكلمة بهدية يبحث لها هو عن مناسبة او ان ياخذها على سبيل المثال في سفرة ونزهة خارج اليوميات الساكنة..
ث- قد يشغل الرجل العمل وظروف المعيشة عن الاهتمام المعنوي بزوجته او بالمرأة التي يحب ، لكن لايدع الروتين اليومي ينسيه ويشغله عن الاهتمام بها فالمرأة كائن يفوقك حسّا وشفافية وهذا ماحصل لنا جميعا بما فيهم المتكلم ، ويبدو ان اكثر المشاكل تاتي من رتابة الحياة وجفافها ، لانها تبعث السأم والملل ، فالرتابة الساكنة كالسرطان ينتشر ويأكل البنيان وهي كالسكون الذي يسبق العاصفة..
ويجب ان يحذر كل رجل من تعويض الغيض من هموم الدنيا والناس داخل اسرته ، بل عليه ان يدع زوجته تتفهم امره وتقدر مشاعره..
ج- ان لايكرر الرجل في حديثه الثناء والاطراء كل حين لامرأة اخرى نالت اعجابه وتقديره ، ولايحسس زوجته اهتماما مبالغا بعض الشيء بشأن امرأة آخرى ، حتى لو كان ذلك بحسن نية ومن غير قصد ، فانه بذلك سيحمل فاسا على رأس زوجته والمرأة التي يهواها او يسعى للزواج منها ، وهي ذات الفأس التي سيضرب بها جدار بيته وحياته..
ح- يسعد المرأة كثيرا ان تكون علاقة الرجل طيبة مع اهلها ، فليحرص عليها باستمرار..
كما يطيب لها ان يقدر الرجل طلباتها ، وان شاء الاختلاف او التأجيل وهذا ممكن بل يحصل غالبا ، فعليه ان يوضح ذلك لها بهدوء وبمنطق مقبول ومحبة..
كما يسعد المرأة كثيرا ان تجد الرجل عونا لها قدر الامكان في شؤون البيت وذلك لايعيب الرجل او يوهن كرامته ، بل ان معونته لها تعطيها احساسا بان زوجها يجسد محبته ولطفه..
فالحياة مع المرأة شراكة لا سلطنة والرجل ليس اميرا او (سي السيد) كما في المسلسل التمثيلي ولا الزوجة في العقد هي جارية له..
خ- ان يوفر الرجل لزوجته مايودّه من عطاء يبتغيه من زوج اخته او ابنته او مما يفرضه عليهما في الخطوبة ، ولا يكل بمكيالين فالعدل اساس مُلكه الذي ناله بورقة ليس الاّ ، ومهر سيؤول في النهاية لبيته...
https://wood-let.com/?p=3530
ردحذفردحذف