قراءة تحليلية للقطعة الشعرية (تأمُّل) للشاعر اسماعيل الرمضاني

القراءة التحليلة لقطعة (تأمل) للشاعر اسماعيل الرمضاني..
(النص في نهاية المقال)
اولا - في المضمون العام والشكل :
عندما تأملت قطعتك.. شعرت بشيء ابلغ من التعبير عنه ، لعله ذلك المضمون المستعر في نجوى غريب الروح ، وقد البسته هنا شكلا جميلا كسرد مونودراما في قصيدة نثر اذا صح التعبير..
فثيمة المضمون هو الهروب من الفوضى الى جمال الانسجام والسلام مع النفس او العودة الى حياة ذي معنى وايقاع عشنا فيها لحظات من ساعات وايام من سنين عجاف..
اما على مستوى الشكل.. فأننا نشعر ان البطل -هنا- يبحث عن فضاء ليسبح فيه لكنه لايملك زمام زمنه ولا ادوات حركته.. واحسب ان لا مناص له غير النجوى وسماع الموسيقى حتى لو كانت جنائزية فلعلها المعطى الوحيد الذي لايعيش الا بالانسجام الهارموني ، لتسمو فيها ذاته وتجمع شتاته وتجعل للأشياء معنى وحياة..
ولعل شخصيتي السرد في هذه التداعيات والمناجاة هما العقل بمنطقه المحاور والنفس بجموحها الساكن حين لايشعر بها احد..
اما المكان فهو وطن الذات بديلا عن غربة الواقع الذي يسحق قلوب من يعي الاشياء بافق الحليم ويرى كنه الجمال في ابسط مخلوقات الله.
                            --------------
ثانيا :في لغة النص
1- نلحظ ان القطعة بدأت بفعل امر وانتهت به كمن يفتح ستارة المسرح ويغلقها :
- (تَأَمَّلْ تِلْكَ المُهْلَةَ ..الَّتي وَعَدَكَ بِها الثُّقاةُ ..
وَ عُدْ لِمعراجِكَ)
- (فتذوق العالم بعد النجاة)
وان بين افعال الطلب الثلاث (تأمل/ وعدْ/ تذوقْ ) صلة في المعنى وتكتمل هذه الصلة بصورة التشبيه المجازي :
( كَمَنْ يَملُكُ مَوتَهُ الاِختِيارِيّ ..أو بِيَدِهِ إِنقاذُ العَالَمِ !!)
اذ يكون التقدير هنا :
(كأنك من يملك موته الاختياري ، وكأن بيدك انقاذ العالم)
حتى يمكن ان نقراها جميعا في سطر واحد وهي بلاشك (العمود الفقري للقطعة) :
(تَأَمَّلْ تِلْكَ المُهْلَةَ ..الَّتي وَعَدَكَ بِها الثُّقاةُ ..
وَ عُدْ لِمعراجِكَ..وتذوق العالم بعد النجاة..
كَمَنْ يَملُكُ مَوتَهُ الاِختِيارِيّ ..أو بِيَدِهِ إِنقاذُ العَالَمِ !!)

2- وبناء على ذلك جاء التعبير في باقي القطعة توضيحا وتوكيدا لبيت القصيد -اعلاه- مع جمال المجاز :
أ- ورد في البداية : بأسلوب النفي :
(فَالقِيامَةُ لَنْ تَقومَ ..
حتَّى تَأتِي ..
ب- ولَنْ تَنفجِرَ ..
مَهْما حَشَوناكَ بِالفَرحِ)..
ب- ورد التعبير في متن القطعة مثبتا (خرجتُ ، ألملمُ ) وبصيغة زمن المضارع للدلالة على قضية واقعية او مجازية :
* [ (خَرَجْتُ) مِنْ تَابوتِ رُوحِي ..
و قُلتُ في سِرِّي :أَنتَ الأَوَّلُ ..
الَّذي يَجِبُ عَلَيَّ ..أَنْ أُجَفِّفَهُ .. مِن هَمِّهِ ..
و مِن عُمْقِ اِتساعِهِ ..الَّذي يَغرَقُ فِيهِ !!]
* [ أُلَمْلِمُ أَجْزائِي ..لأَكسِرَ قَصْدَكَ ]

3- التعبير المجازي جميل في القطعة ، وهو في اكثر من موضع يحمل -بانزياح اللفظ- دلالة رمزية تتمحور حول شجن المناجات التي تكاد تخفي في طيّها أمارة التعجب والاستفهام الانكاري كأن الجمل مسبوقة ب (ما لكَ !؟) او ( ألست انت !؟) …
أ- فَالقِيامَةُ لَنْ تَقومَ ..حتَّى
تَأتِي ..
ولَنْ تَنفجِرَ ..مَهْما حَشَوناكَ
بِالفَرحِ ..
ب- وقُلتُ في سِرِّي :
أَنتَ الأَوَّلُ.. الذي يجبُ عليّ
أَنْ أُجَفِّفَهُ .. مِن هَمِّهِ ..
ومِن عُمْقِ اِتساعِهِ ..الَّذي
يَغرَقُ فِيهِ !!
ج- أُلَمْلِمُ أَجْزائِي ..لأكسِرَ
قَصْدَكَ ..
فَتَذوقْ العَالمَ ..بَعدَ
النَّجاةِ !!
                    ------------------------
ثالثا : في ايقاع القطعة :
يميل الشاعر - ولو لم يقصد ذلك- الى التقارب بين تفعيلة المتقارب (فعولن) والمتدارك (فاعلن) مع الاخذ بنظر الاعتبار التغييرات اللاحقة بهما في الجداول العروضية في ظل الزحافات الخاصة بهما والداخلة على كل تفعيلة منهما :
- ( فعولُ/فعولْ/فعلُ/فَعُلْ )
- ( فعِلن لخبب المتدارك/فعْلن )
ويمكن ان يلحق ب (فاعلن ، فعِلن) في آخر السطر الشعري :
- فاعلان/وفعلان بالتذييل (اضافة حرف ساكن على وتد مجموع)
- فاعلاتن/ وفعلاتن بالترفيل (اضافة سبب خفيف على وتد مجموع)..
ولنأخذ هذه النماذج مع تسكين بعض الحركات :
1- تأمْ ملْ/ تلْكلْ/ مهْلهْ
فعولن/ فعْلن/ فعْلن
2- الْ لَتِيْ/ وَعَدَكْ/ بهثْ/ ثقاةُ
فاعلن/فعِلن/ فَعُلْ/ فعولُ
3- وَعِدْ/ لمِعْ/ راجكْ
فعُلْ/ فعُلْ/ فعْلن
4- أُلَمْ/ لِمُ أجْ/ زائي
فعُلْ/فعِلن/ فعْلن
5- لِأَكْ/ سِرَ قصْدكْ
فَعُلْ/ فعلاتن
          
          ***********************
نص القطعة الشعرية (تأمُّل) للشاعر اسماعيل الرمضاني :

(تَأَمَّلْ تِلْكَ المُهْلَةَ ..
الَّتي وَعَدَكَ بِها الثُّقاةُ ..
وَ عُدْ لِمعراجِكَ ..

فَالقِيامَةُ لَنْ تَقومَ ..
حتَّى تَأتِي ..
ولَنْ تَنفجِرَ ..
مَهْما حَشَوناكَ بِالفَرحِ ..
كَمَنْ يَملُكُ مَوتَهُ الاِختِيارِيّ ..
أو بِيَدِهِ إِنقاذُ العَالَمِ !!
..
خَرَجْتُ مِنْ تَابوتِ رُوحِي ..
و قُلتُ في سِرِّي :
أَنتَ الأَوَّلُ ..
الَّذي يَجِبُ عَلَيَّ ..
أَنْ أُجَفِّفَهُ ..
مِن هَمِّهِ ..
و مِن عُمْقِ اِتساعِهِ ..
الَّذي يَغرَقُ فِيهِ !!
..
أُلَمْلِمُ أَجْزائِي ..
لأَكسِرَ قَصْدَكَ ..فتذوقْ العَالمَ ..
بَعدَ النَّجاةِ !! )

عن الكاتب "فلان"

وصف موجز عن الكاتب هنا، كما يمكنكم متابعتي عبر المواقع الإجتماعية أدناه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Translate

إبدء الكتابة للبحث ثم أنقر enter