ماذا تبقى من فن الابتهالات الدينية ؟
ماذا تبقى من فن الابتهالات الدينية :
بدءا تعني كلمة الابتهال في اللغة الاخلاص في الدعاء لله ، وهو فن في الاداء المموسق مرتبط بذكر الله وصفاء النفس ، ويعدّ من فنون التراث الشعبي العريق وتمتد جذوره الى العصور القديمة والفرعونية كاحتفالات الالهة رع وآمون وايزيس.. ، وعندما ظهر الاسلام تطورت اشكاله واساليبه على مرّ العصور حتى تعزز في مصر منذ العهد الفاطمي وبدرجة يميزها ابداعا وانشادا اكثر من كل الاقطار العربية..
والتوشيح الديني يختلف عن الموشح الذي اخترعه في العصر العباسي ابراهيم واسحاق الموصلي وعبد الرحمن بن نافع الملقب (زرياب) لكون الاخير لونا شعريا يُنشَد في الغزل ، اما الانشاد الديني او فن المدح والابتهال فان الباحثين يعدونه اسلوبا فنيا خالصا للدعاء ولذكر الله ورسوله واوليائه الصالحين..
وقد تطور فن الابتهال الديني على مرّ العصور حتى تكامل حديثا في القرن العشرين مع (بداية تأصيل الموسيقي الشرقية في مصر وظهور الربع تون والثلاثة أرباع التون ، ثم واصل تطوره بعد ذلك بالاعتماد على الجملة المكررة مع الصوت الشجي والتنويع في الألحان)..
وهو كما يقول الاستاذ المصري د.عمران :
(اغنى انواع الاداء الموسيقي سواء في المقامات او اسلوب الاداء)..
ولهذا السبب : (استقى كل من الشيخ سلامة حجازي والموسيقار زكريا احمد وسيد درويش معطيات الفن الموسيقي من معين الابتهال الديني سواء في المقامات او الاداء)
ويشير -كذلك- الباحث الاستاذ عمرو ناجي :
(ان الشيخ علي محمود - الذي اتقن ببراعة مقامات الابتهال- كان من اساتذة الملحن زكريا احمد ، وممن لجأ اليه الموسيقار محمد عبد الوهاب كلما واجهته مشكلة في الانتقال بين المقامات)
ومن رواد فن الابتهال في مصر :
نصر الدين طوبار ، سيد النقشبندي، الشيخ محمد الطوخي وطه الفشني..
وقد انحسر - الى حد كبير - في الالفية الثالثة هذا الفن الجميل مصري الاصل الذي كان سائدا في الماضي حتى الربع الاخير من القرن العشرين ، وقد افل شيئا فشيئا بسبب توسع المعاهد الموسيقية ورحيل الاصوات الكبيرة وعزوف الاعلام عنه حتى اقتصر اليوم عرضه على برامج الاطفال والبراعم..
اما في العراق فان الانشاد الحسيني واطواره مازال اكثر تميزا وحضورا..كما ان له دورا كبيرا في تطور المقامات العراقية والشرقية اللحنية كما هو الحال في الابتهالات الدينية ، ويعدّ معينا حيويا في تبيين اهم المقامات وتنويعها والانتقال بينها..
ملاحظة :
في الفيديو مقطعان من ابتهالين (مولاي اني ببابك قد قصدت يدي) لسيد النقشبندي ، و (ألهي ما اعظمك) لنجاة الصغيرة..
(من منشور لي قبل سنتين)..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق