قبسات من شعر الهجاء الذي يتوائم مع واقعنا الحالي
هذه مختارات من شعر الهجاء في الادب العربي ، لعل اغلب مافيها يناسب واقعنا الحالي في العراق ومايجري فيه ، حيث يسود مركب (الجشع والانانية، الكذب ، والجهل) -كصفات غالبة- في اوساط تلك الافاعي التي ابتلعت خيرات البلد ، وتكاثرت بالانشطار في مراكز السلطة والمناصب الرفيعة ، مع وجود الكثير من التجار الفاسدين ، ومرضى النفوس الذين ارتبطت بهم مصالح الناس وحاجاتهم..
حتى صار عندهم (البخل في البذل والعطاء للمصلحة العامة) شاخصا جليّا كشمس تموز ، وذلك حالُ بطونٍ جاعت ثم شبعت، او حالُ (فاقدُ الشيء لا يعطيه)..
كما علّمنا سياسيو العراق ان السياسة لا اخلاق فيها ولادين فهي منتجع لاينعم فيه الاّ اللئيم من البشر ، فالناس تلحظ كل حين :
ان من يتصدر منصبا يضرب اولاً مَن جاء به اليه وهكذا يستمر الدولاب..
1- ماقاله الشاعر المخضرم الحطيئة عن بطون جاعت ثم شبعت :
* دعِ المكارمَ لاترحلْ لبُغيتِها
واقعدْ فانك انت الطاعمُ الكاسي..
2- في لؤم البشر ماقاله المتنبي :
أ- لُعِنَتْ مُقارنةُ اللَّئيمِ فإنَّهَا
ضَيْفٌ يَجرُّ مِنَ النَّدامةِ ضَيفَنا
غَضَبُ الحَسُودِ إذا لَقيتُكَ راضِياً
رزءٌ أخَفُّ عليَّ مِن أنْ يُوزَنَا
ب- اذا انت اكرمتَ الكريمَ ملكته
واذا انت اكرمتَ اللئيم تمردا
ج- يريكَ الرضا والغلُّ حشوُ جفونِه
وقد تنطقُ العينان والفمُ ساكتُ
3- في (الكناية عن صفة البخل) :
أ- بيضُ المطابخِ لاتشكو اماؤهُمُ
طبخَ القدورِ ولا غسلَ المناديلِ
ب- ماقاله الشاعر الاخطل :
قومٌ إذا استنبحَ الأضيافَ كلبُهُمُ
قالوا لأمّهِمِ: بُولي على النّارِ
فتُمْسِكُ البَوْلَ بُخْلاً أنْ تجودَ بهِ
وما تبولُ لهم إلا بمقدارِ
لا يثْأرون بقَتْلاهُمْ، إذا قُتلوا
ولا يكُرُّون، يوْماً، عِنْدَ إجْحارِ
ولا يزالونَ شتى في بيوتهم
ِيَسْعُونَ مِنْ بينِ مَلْهوفٍ وفَرّارِ
4- في ذم الجاهل اذا علا مقامه ، وذم من
نافقه واتخذه دليلا :
* يقول الشاعر :
أ- اذا لبِسَ الحمارُ ثيابَ خزٍّ
لقالَ الناسُ يالكَ من حمارِ
ب- ومن يكن الغرابْ له دليلا
يمرُّ به على جيَّفِ الكلابِ
5- في ذم اهل الكذب والوعود الزائفة :
قال ابي الطيب المتنبي :
إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ
عَنِ القِرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ
جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ
مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ
ما يَقبِضُ المَوتُ نَفسًا مِن نُفوسِهِمُ
إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ
مِن كُلِّ رِخوِ وِكاءِ البَطنِ مُنفَتِقٍ
لا في الرِجالِ وَلا النِسوانِ مَعدودُ
صارَ الخَصِيُّ إِمامَ الآبِقينَ بِها
فَالحُرُّ مُستَعبَدٌ وَالعَبدُ مَعبودُ
6- في ذم اهل الجهل الذين لايسعون لغير مصالحهم :
قال المتنبي :
أ- أماتَكمُ مِن قَبلِ مَوتِكُمُ الجَهلُ
وجرَّكُمُ مِن خِفّةٍ بِكُمُ النَّمْلُ
ولو كُنتُم ممَّنْ يُدبِّرُ أمرهُ
لما صِرتُمُ نَسلَ الذي ما لهُ نَسْلُ!!
ب-
ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ
وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ
وَالناسُ قَد نَبَذوا الحِفاظَ فَمُطلَقٌ
يَنسى الَّذي يولى وَعافٍ يَندَمُ
لا يَخدَعَنَّكَ مِن عَدُوٍّ دَمعُهُ
وَاِرحَم شَبابَكَ مِن عَدُوٍّ تَرحَمُ
الظُلمُ مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِن تَجِد
ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ
وَمِنَ البَليَّةِ عَذلُ مَن لا يَرعَوي
عَن غَيِّهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَم
يَمشي بِأَربَعَةٍ عَلى أَعقابِه
ِتَحتَ العُلوجِ وَمِن وَراءٍ يُلجَمُ
وَإِذا أَشارَ مُحَدِّثاً فَكَأَنَّهُ
قِردٌ يُقَهقِهُ أَو عَجوزٌ تَلطِم
وجُفونُهُ ما تَسْتقِرُّ كَأنَّها
مطْرُوفَةٌ أو فُتَّ فيها حِصرِمُ
وتَراهُ أصغَرَ مَا تَرَاهُ نَاطِقاً
ويكونُ أكذَبَ ما يكونُ ويُقْسِمُ
والذُّلُّ يُظْهِرُ في الذَّليلِ موَدَّةً
وأوَدُّ مِنهُ لِمَنْ يَوَدّ الأرْقَمُ
وَمِنَ العَداوَةِ ما يَنالُكَ نَفعُهُ
وَمِنَ الصَداقَةِ ما يَضُرُّ وَيُؤلِمُ
أَفعالُ مَن تَلِدُ الكِرامُ كَريمَةٌ
وَفَعالُ مَن تَلِدُ الأَعاجِمُ أَعجَمُ
7- ولعل في معنى هذا البيت الشعري لسان حال اغلب البسطاء من الناس :
* ( لايسكنُ المرءُ في ارضٍ يُهانُ بها
الاّ من العجزِ او قلةِ الحيّلِ )
8- امّا ما يخص طبيعة مجتمعنا او اهالينا
في العراق فقد قاله امام المتقين علي بن
ابي طالب(ع) في خطبه بنهج البلاغة :
أ- (أَمَّابَعْدُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ- حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ وَ مَاتَ قَيِّمُهَا- وَ طَالَ تَأَيُّمُهَا وَ وَرِثَهَا أَبْعَدُهَا- . أَمَا وَ اللَّهِ مَا أَتَيْتُكُمُ اخْتِيَاراً- وَ لَكِنْ جِئْتُ إِلَيْكُمْ سَوْقاً- وَ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عَلِيٌّ يَكْذِبُ قَاتَلَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى- فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ أَعَلَى اللَّهِ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ-أَمْ عَلَى نَبِيِّهِ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ- كَلَّا وَ اللَّهِ لَكِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا- وَ لَمْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا..)
ب- ( أيها القوم الشاهدة أبدانهم، الغائبةُ عنهم عقولهم، المختلفة أهواؤهم….
منيتُ منكم بثلاث وأثنين ! صمٌ ذَوو أسماع، وبكمٌ ذَوو كلام، وعميٌ ذَوو أبصار. لا أحرار صدقٍ عند اللقاء، ولا إخوان ثقةٍ عند البلاء ! تَرِبت أيديكم ! يا أشباه الإبل غاب عنها رُعاتها ! كُلما جُمِعت من جانبٍ تفرقت من آخر... )
ج- (فقبحاً لكم وترحاً، حين صرتم غرضاً يُرمى، يُغار عليكم ولا تغيرون، وتُغزَونَ ولا تَغزون، ويُعصى الله وترضون..)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق