ما جدوى الفنون الجميلة بلا رسالة انسانية

التجريدية في الفن/نقطة ضوء..
ماجدوى ان تفقد الفنون الجميلة رسالتها الانسانية وتكون صرعات الجنون او الابتذال في الفن هي الوسيلة والغاية ؟!..
ماذا يعني التقليد الاعمى لتيارات في الفن الغربي وهي الظاهرة الشائعة في الفنون ! وان نلتفت لمعنى ان تُباع لوحة فنية كاللوحة -ادناه- لفنان عالمي معروف هو الامريكي (س.تومبلي) بمبلغ (69 مليون دولار) عام 2014 وهي ليست الا (شخابيط بزون) في الوصف التعبيري الفني او الهندسي ؟
هل يكمن السبب في شهرة هذا الفنان المخضرم (1928- 2011) ام لان احد لوحاته غطت سقف متحف اللوفر بباريس؟
وهل يعني ان يكون مذهب او تيار التعبيرية التجريدية الامريكية في الفن التشكيلي الذي ينتمي له (س تومبلي) بلا رسالة تؤصل دور الفن الهادف في المجتمع؟؟
وهل من المناسب ان نقلد مثل هذا الفن ونلهث وراء الضريع في الثقافة الغربية..
مع العلم ان التعبيرية التجريدية او تجريدية التعبير كما يقال في الانجليزية :
(Abstract Expressionism)
هو مذهب في الرسم ساد بالفعل في الولايات المتحدة الأميركية خلال الخمسينات من القرن العشرين ويقوم على نظرية تقول :
(( بأن الألوان والخطوط والأشكال، إذا ما استُخدمت بحريّة في تركيب غير رسمي، أقدرُ على التعبير وإبهاج البَصَر منها حين تُستخدم وفقاً للمفاهيم الرسمية أو حين تُستعمل لتمثيل الأشياء. من أبرز ممثليها جاكسون بولوك ومارك روثكو وهانس هوفمان ))..
وعلى اية حال..
فان النظرة لمثل هذا الفن او المدرسة الفنية التي ينتمي اليها هذا (التومبلي) يجب ان تصدع بالحق في النيل من هذا العبث المجنون والترف الذهني الذي يسخر بالعقول والحياة ، في ضوء اساسيات البناء الحضاري للفرد والمجتمع ، والحوار المتمدن بين الحضارات البشرية التي اشار اليها مفكرو العلوم الانسانية ونقاد الادب والفن في الحقيقة التالية :
(ان الفن والنشاط الثقافي الانساني اذا لم يطور الملكات الانسانية صوب الجمال والخير ويعمق الحوار الحضاري والتواصل الانساني فلا خير فيه ولا نفع من تعزيزه وتهيئة البيئة المناسبة له)
وان قاعدة (خير الناس من نفع الناس) هي القاعدة المثلى لحياة كريمة ولتواصل انساني بناء وفعال..
وعود على بدء ، فلابد من التوضيح بان اصول التجريدية في الرسم التشكيلي ليست امريكية بالواقع بل اوروبية ولم تكن في نشأتها بالحضارة الاوربية وروسيا حركة بلا رؤية ولا هدف ؟
بل ان التجريدية هي مذهب في الادب والفن يتصل بتطور مذاهب الادب والفن في روسيا والغرب في ظل سلم عصر النهضة ، وقد ظهرت اول مرة اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بشكل حركتين ادبيتين هما الدادائية والسوريالية (1916-1920) كردة فعل على الحركات والمشاعر القومية التي ادت الى نشوب الحرب العالمية الاولى والثانية ، (فالدادائية معنية بفوضى الحياة العصرية، ومحاربة علم الجمال ، بينما تتمحور السريالية حول شطحات العقل الباطن وتجلياته اللامنطقية)..
وتطورت إلى حركات فنية أخرى مثل التكعيبية والتعبيرية والمستقبلية وسواها من الحركات الطليعية التي هزت المظهر الساكن للرسم التقليدي، وانتقلت إلى بنية الوعي نفسها ، وتجلت في الشعر والرواية ومسرح العبث والفن التشكيلي..
ومن اعلامها في الادب اندريه بريتون ، تريستان تزارا ، وميشال فاكو ، والشاعر اراغون وايلوار والروائي البير كامو وجيمس جويس...
وكانت تعني فكرة التجريدية :
(تجريد كل ما هو محيط بنا عن واقعه وإعادة صياغته برؤية فنية جديدة فيها تتجلى حس الفنان باللون والحركة والخيال) ، وهذه الصياغة الجديدة لاتعني انه فن بلا هدف..
ومن رواده الروسي فرنسي الاصل (فاسيلي كاندينسكي) الذي يعد الاب الروحي للتجريدية في الفن التشكيلي ، والهولندي پيت موندريان والفرنسي جورج براك والاسباني بابلو بيكاسو..
والسؤال..
هل كان رواد هذا الفن في اوروبا غارقون في الذاتية وصرعات الجنون مثل تومبلي؟
وهل كانوا لايحملون رسالة انسانية ارادوا توظيفها في اعمالهم الفنية بالرؤية والشكل والاسلوب الذي اختاروه في تقنية الرسم وخامات العمل مع اللون والخط والايقاع وعلاقته بالمضمون ؟؟
بل ان العكس صحيح فلقد ظهرت هذه الحركات كردة فعل انساني على تنامي الحركات القومية الشوفينية في اوروبا التي ادت الى الحروب العالمية والدمار والاوبئة وانهيار منظمة القيم الانسانية..
واذكر هنا ان ناقدا وتشكيليا عراقيا كبيرا مثل شاكر حسن آل سعيد كتب في فصل بعنوان (جواد سليم وبيكاسو وشواهده) من كتابه (مقالات في التنظير والنقد الفني) قائلا :
(كانت شخصية بابلو بيكاسو -رائد المدرسة التجريدية التكعيبية- عالمية في انسانيتها كما يطرحها في فنه عبر تقنياته واسلوبه الديناميكي و منهجه التجريدي المعروف ، وهي شخصية طاغية على الاخرين في انسانيتها العامة) ، لا في ذاتيتها وتمردها وترفها الفني..
اخيرا ، من الاولى لنا ان ننتبه اولا لحاجة وخصوصية مجتمعاتنا في تكامل التنمية التربوية والثقافية مع التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، وان تُرسخ قيم المعاملات الدينية بما يعزز ويطور الموائمة النبيلة بين الفرد والمجتمع المحلي .

عن الكاتب "فلان"

وصف موجز عن الكاتب هنا، كما يمكنكم متابعتي عبر المواقع الإجتماعية أدناه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Translate

إبدء الكتابة للبحث ثم أنقر enter