من شعر وسيرة ابي تمام الطائي
هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائيّ
(188- 231) هجرية عاش اواخر العصر العباسي الاول كان يكنّى بأبي تمام ، ولد في قرية حوران في سوريا وادرك الخليفة العباسي المعتصم..
رحل من سوريا إلى مصر وتردد على مجالس العلم والادباء هناك مثل مسجد الفسطاط كما انتقل الى الاسكندرية ودرس الفقه وعلوم اللغة والادب ، ثم انتقل الى بغداد واستقر اخيرا في الموصل..
حيث استقدمه الخليفة العباسي المعتصم لنبوغه في الشعر والحفظ ، فقدّمه على الشعراء ، وولاه بعد ذلك على بريد الموصل وهي المحطة الاخيرة في حياته..
ولهذا تقام عادة في عصرنا الحديث بمدينة الموصل المهرجانات الشعرية التي تحتفي بالشاعر ابي تمام..
كان ابو تمام حافظا مشهورا للشعر منذ طفولته وقيل ان حفظ أربع عشرة ألف أرجوزة من أراجيز العرب من غير القصائد والمقاطع..
وقد نجح ابو تمام في التوفيق بين جزالة النظم القديم في صناعة الشعر مع الحفاظ الجديد في اساليب وجمال النظم والبديع الذي عاصره ، ويشير الكتاب في ذلك ان مذهب ابي تمام في الشعر يجمع (الزخرفة والعقل والوجدانيات ) مع براعته في التوفيق بين القديم والجديد في خصائص اللغه العربيه وتطور الفاظها واساليبها وقد نظم في اغلب ابواب الشعر منها الرثاء والمديح والفخر والغزل وبرع في وصف الطبيعة والوجدانيات وتوظيف اجمل الحكم في شعره..
..............................................
# مقتطفات من جميل اشعاره :
1* لامية ابي تمام المشهورة في الحب الاول :
نقلْ فؤادَكَ حيثُ شِئتَ من الهوى
ما الحبُّ إلاّ للحبيبِ الأولِ
كمْ منزلٍ في الأرضِ يألفُهُ الفتى
وحنينُهُ أبداً لأولِ منزلِ
2* في وصف المعارك
قصيدة (فتح عمورية) :
السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ
في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ
في مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ
والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَة ً
بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافي السَّبْعَة ِ الشُّهُبِ
أَيْنَ الروايَة ُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا
صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ
تخرُّصاً وأحاديثاً ملفَّقة ً
لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ ولاغَرَبِ
عجائباً زعموا الأيَّامَ مُجْفلة ً
عَنْهُنَّ في صَفَرِ الأَصْفَار أَوْ رَجَبِ
وخَوَّفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَة ٍ
إذا بدا الكوكبُ الغربيُّ ذو الذَّنبِ
وصيَّروا الأبرجَ العُلْيا مُرتَّبة ً
مَا كَانَ مُنْقَلِباً أَوْ غيْرَ مُنْقَلِبِ
يقضون بالأمر عنها وهي غافلة
ما دار في فلك منها وفي قُطُبِ
لو بيَّنت قطّ أمراً قبل موقعه
لم تُخْفِ ماحلَّ بالأوثان والصلُبِ
فَتْحُ الفُتوحِ تَعَالَى أَنْ يُحيطَ بِهِ
نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْرٌ مِنَ الخُطَبِ
فتحٌ تفتَّحُ أبوابُ السَّماءِ لهُ
وتبرزُ الأرضُ في أثوابها القُشُبِ
يَا يَوْمَ وَقْعَة ِ عَمُّوريَّة َ انْصَرَفَتْ
منكَ المُنى حُفَّلاً معسولة ََ الحلبِ
أبقيْتَ جدَّ بني الإسلامِ في صعدٍ
والمُشْرِكينَ ودَارَ الشرْكِ في صَبَبِ
3*من وجدانيات الشوق والفراق
قصيدة (فحواك عين) :
فَحْواكَ عَيْنٌ على نَجْوَاكَ يامَذِلُ
حَتَّامَ لاَيَتَقضَّى قَوْلُكَ الخَطِلُ!؟
وإنَّ أسمجَ من تشكو إليهِ هوى ً
من كانَ أحسنَ شيءٍ عندهُ العذلُ
ما أقبلتْ أوْجُهُ اللذّاتِ سافرة ً
مذْ أدبرَتْ باللوى أيامُنا الأولُ
إن شئتَ ألا ترى صبراً لمصطبر
فانظُرْ على أَي حالٍ أصبَحَ الطَّلَلُ
كأَنَّما جَادَ مَغْناهُ، فَغَيَّرَه
دُمُوعُنا، يومَ بانُوا، وَهْيَ تَنْهَمِلُ
وَلَوْتَرَاهُمْ وإيَّانا ومَوْقِفَنا
في مـأتمِ البينِ لاستهلالنا زجلُ
من حرقة أطلقتها فرقة ٌ أسرتْ
قلباً ومنْ غزلٍ في نحرِهِ عذلُ
وقَدْطَوَى الشَّوْقَ في أَحشائنا بَقَرٌ
عينٌ طوتهنَّ في أحشائِها الكللُ
فرَغْنَ لِلسحْر حَتَّى ظَلَّ كُلُّ شَجٍ
حران في بعضه عن بعضه شغلُ
يخزي ركام النقا ما في مآزرها
ويَفْضَحُ الكُحْلُ في أَجْفانِها الكَحَلُ
تَكَادُ تَنتَقِلُ الأَرواحُ لُو تُرِكَتْ
من الجسومِ إليها حيث مكة ً الهملُ
هانتْ على كلِّ شيءٍ فهو يسفكها
حتى المنازلُ والأحداجُ والإبلُ
4*من شعر المدح الذي يتضمن جمال التعزية
والمواساة نظمها لاحد ولاة الموصل (مالك
التغلبي) :
أمالـكُ إنَّ الحـزنَ أحـلامُ حالـم
ومهما يـدمْ فالوجـدُ ليـس بدائـمِ
أمالـكُ إفـراطُ الصبابـة ِ تـاركٌ
جناً واعوجاجاً في قنـاة ِ المكـارمِ
تأمَّلْ رويـداً هـلْ تعُـدَّنَّ سالمـاً
إلى آدمٍ أَمْ هَـلْ تَعُـدُّ ابـنَ سَالِـمِ
مَتَى تَرْعَ هذا الموتَ عَيْناً بَصِيرَة ً
تجدْ عـادلاً منـهُ شبيهـاً بظالـمِ
وإِن تَكُ مَفجُوعاً بأَبيضَ لـم يَكُـنْ
يَشُدَّ علـى جَـداوهُ عقْـدَ التَّمائِـمِ
بِفَارِسِ دُعْمِـي وهَضْبَـة ِ وائِـلٍ
وكوكـبِ عتـابٍ وجمـرة هاشـمِ
شَجَا الريحَ فازدَادَتْ حَنينـاً لِفَقْـدِهِ
وأحدثَ شجواً في بكـاءِ الحمائـمِ
فمنْ قبلهِ مـا قـدْ أصيـبَ نبينـا
أبو القاسمِ النـورُ المبيـنُ بقاسـمِ
وقَالَ عليٌّ في التَّعـازِي لأِشعَـثٍ
وخافَ عليْهِ بَعْـضَ تلـكَ المآثِـمِ
وللطرفاتِ يومَ صفيـنَ لـم يمـتْ
خُفَاتاً ولا حُزناً عُـدِيُّ بـن حاتِـمِ
خلْقنا رجـالاً للتصبُّـر والأسـى
وتلـكَ الغوانـي للبُكـا والمـآتـمِ
وأيُّ فتًى في الناس أَحرَضُ من فَتًى
غدا في حفاراتِ الدموعِ السواجـمِ
وهَلْ من حَكيمٍ ضَيَّعَ الصَّبرَ بعدَمَـا
رأَى الحُكَمَاءُ الصَّبْرَ ضَربَة َ لازِمِ!
ولم يَحْمدُوا مِنْ عالِمٍ غَيْـر عامِـلِ
خلافاً ولا من عامل غيـر عالِـمِ
رأوا طُرقات العجز عوجاً قطيعـة
وأقطَعُ عَجْزٍ عِندَهم عَجْزُ حـازمِ
فلا بَرِحَتْ تَسْطُـو رَبيعـة ُ مِنكُـمُ
بأرقـمَ عطـافٍ وراءَ الأراقــمِ
فأنتَ وصنواكَ النصيـرانِ إخـوة ٌ
خلقتمٍ سعوطاً للأنـوفِ الرواغـمِ
ثلاثة ُ أركانٍ ومـا أنهـدَّ سـؤددٌ
إذا ثبتـتْ فيـهِ ثـلاثُ دعـائـمِ
---------------------------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق