من ديوان نشيد اوروك للشاعر العراقي عدنان الصائغ
(نشيد اوروك) من قصائد الشعر الحديث الطويلة التي تصور الفاجعة الجماعية في العراق حيث الحرب والحصار والنظام البوليسي والهجرة والغربة في المنفى.. وكانها قصيدة كورال للضحايا تُنشَد على شكل تداعيات مؤلمة ومرعبة امام عالم صامت جامد العين بلا ملامح ولا ضمير..
ويعد الشاعر عدنان الصائغ المولود في الكوفة عام 1955 من شعراء الجيل التالي لرواد الشعر الحر والذي ترك بصمة ابداع واضحة في الادب العراقي ونال العديد من الاوسمة الادبية العربية والعالمية وترجمت اشعاره الى اللغات العالمية..
وقد عاش حياة صعبة داخل العراق وخارجه حتى انه يقول :
* ( أعرفُ الحياةَ من قفاها ،
لكثرة ما أدارت لي وجهها)
* قال أبي:
لا تقصصْ رؤياكَ على أحدٍ
فالشارعُ ملغومٌ بالآذانْ
كلُّ أذنٍ
يربطها سلكٌ سرّيٌ بالأخرى
حتى تصلَ السلطانْ!
----------------------------------------------
وادناه مقتطفات من نشيد اوروك وشعره- :
من نشيد اوروك/ بيروت 1996 :
- لماذا تركتَ بلادكَ،
كانتْ لكَ الرطبَ - الخمرَ،
والجنةَ البابليةَ...
- لمْ أتركِ الأرضَ من بطرٍ، أيها اللائمونَ بمقهى الشتاتِ،
ولكنّهُ الجمرُ لا يصطلي
غيرَ قابضهِ.....
سأرضى بما قسّمَ اللهُ لي في المنافي
سوى الذلِّ،
أطوي الدروبَ بأمعاء فارغةٍ
وذهولٍ،
كأني خرجتُ من السجنِ تواً.
أعضُّ الحياةَ بأسنانِ روحي
وأصعدُ مزدهياً بنشيدي
أخدّشُ وجهَ السماءِ لتمطرني...
كلُّ أرضٍ ستعشبُ فيها الأغاني بلادي....
أأرضى أبدّلُ أرضاً بأرضٍٍ؟
وكيفَ سأغفو،
وهذي الوسادةُ ليستْ ذراعيكِ
**************
كمْ ساعتكَ الآن؟
- منتصفَ الفجر ببغداد.........
ورجالُ الآر بي جي خلفَ النخلِ
يدكّون قلاعَ الدكتاتورِ
(يفتّشُ بين الأدراجِ
عن الحرسِ الخاصِ
لقد فرّوا)
فيلوذُ بزاويةِ المرحاضِ..
يموتُ وحيداً مذعوراً..
يسحلُهُ صرصارٌ من ياقتهِ،
- بين الأنقاضِ -
يخشخشُ بالأوسمةِ الذهبيةِ
تعتركُ الديدانُ على جثتهِ
كاميراتُ الصحفيين
تعلّقه فوق الجسرِ أكفُّ الشعبِ الهادرِ
لافتةً لنهايةِ عصرِ الطغيانْ
******************
(العراق)
العراقُ الذي يبتعدْ
كلما اتسعتْ في المنافي خطاهْ
والعراقُ الذي يتئدْ
كلما انفتحتْ نصفُ نافذةٍ ..
قلتُ : آهْ
والعراقُ الذي يرتعدْ
كلما مرَّ ظلٌ
تخيلتُ فوّهةً تترصدني،
أو متاهْ
والعراقُ الذي نفتقدْ
نصفُ تاريخه أغانٍ وكحلٌ ..
ونصفٌ طغاةْ
**************
(الحلاج)
أصعدني الحلاجُ إلى أعلى طابق
في بغداد
وأراني كلَّ مآذنها
ومعابدها
وكنائسها ذات الأجراسْ
وأشار إلي:
- إحصِ
كم دعوات حرّى تتصاعد يومياً من أعماقِ الناسْ
لكن لا أحداً
حاولَ أن يصعدَ
في معناهُ إلى رؤياهُ
كي يوقظَهُ
ويريهِ..
ما عاثَ طغاةُ الأرضِ
وما اشتطَّ الفقهاءُ
وما فعلَ الحراسْ
-------------------------------------------------------
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق